يعتبر السودان من أكبر الأقطار العربية والأفريقية مساحة إذ تبلغ مساحته مليون ميل مربع. ويتوسط السودان تسع دول هي مصر وليبيا وإثيوبيا وإرتريا وتشاد وأفريقيا الوسطي وزائير ويوغندا وكينيا كما يجاور المملكة العربية السعودية عبر البحر الأحمر. ومن الناحية الطبوغرافية فمعظم بلاد السودان سهل منبسط. والسودان بلد غني بموارده الطبيعية التي تجعل قاعدة اقتصاده تقوم علي الإنتاج الزراعي والحيواني. ومن ثم فأن الزراعة تمثل العمود الفقري للاقتصاد وعليها تقوم معظم المناشط الاقتصادية المختلفة. وتشكل الزراعة كذلك أساس البناء الاجتماعي الذي تكيفه التركيبة الأنثربولجية والمناخ وطبيعة الأرض. وبالرغم من الإمكانات الزراعية الضخمة المتوفرة بالسودان فأن تنمية القطاع الزراعي والاستفادة القصوى من ميزاته لا زالت تتطلب الجهود لاستغلالها حتى تدفع عجلة الإنتاج والتنمية نحو الرقي والتقدم. وتبين الإحصاءات والتحليلات الاقتصادية إن القطاع الزراعي يحتل موقع الريادة والقيادة في الاقتصاد السوداني حيث بلغت مساهمته نحو 45.5% من الناتج المحلي الإجمالي (لعام 2002م) ويعتمد عليه 80% من المواطنين في حياتهم الاقتصادية وتعتمد حوالي 90% من حصيلة صادرات السودان على الزراعة عن طريق تصدير القطن والصمغ العربي والماشية واللحوم والحبوب الزيتية والذرة والخضر والفاكهة وغير ذلك من المحاصيل الزراعية الأخرى ومنتجاتها.
ويتمتع القطاع الزراعي في السودان بفرص واسعة وإمكانات هائلة توفر المقومات الأساسية للتنمية والاستثمار فيه وقد رشح السودان ضمن ثلاث دول لحل مشكلة الغذاء في العالم مع استراليا وكندا . و يعتبر السودان الدولة العربية الوحيدة التي يعد ميزاتها الزراعي موجباً ويساهم مساهمة فعالة في الأمن الغذائـــي العربي إذ بلغت قيمة الصادرات من المنتجات الزراعية حوالي 106 الف طن خلال عام 2002م.
الأرض والمناخ:
تتكون أراضى السودان من السهول والوديان والهضاب والكثبان الرملية والجبال ومعظم هذه المواقع غنية بالمياه الجوفية . تقدر الأراضي الصالحة للزراعة بحوالي 200 مليون فدان، المستغل منها حالياً لا يتجاوز 15% أي حوالي 30 مليون فدان. وهنالك مساحات مغطاة بالغابات والشجيرات والمراعي الطبيعية التي ساعدت علي تربية ثروة حيوانية متنوعة بالإضافة إلى مساحات كبيرة تغطيها مياه الأنهار والوديان والحفائر وهي منتشرة في معظم أنحاء البلاد. ويتوافق مع هذا التنوع في التربة تنوع واسع في المناخ عبر طول البلاد من شمالها إلى جنوبها، هذا التنوع الكبير في طبيعة التربة ونوع المناخ يتيح للسودان.
الموارد المائية:
تتكون الموارد المائية في السودان من مياه الأمطار والأنهار والمياه السطحية والمياه الجوفية. وتتوفر الأمطار الغزيرة في جنوب البلاد وأواسطها. أما الشمال الجاف فأنه غني بموارد المياه الجوفية الوفيرة. تقدر حصة السودان من مياه النيل حسب اتفاقية مياه النيل لعام 1959م بنحو 18.5 مليار متر مكعب في العام. ويستغل السودان حالياً منها حوالي 12.2 مليار متر مكعب في العام. يقدر حجم تصريف المياه الموسمية بنحو 3.3 مليار متر مكعب. ويمكن الاستفادة من مياه الأودية بتخزينها في الحفائر والسدود الترابية وتغذية الخزانات الرسوبية لأغراض الري وشرب الإنسان والحيوان. وتشكل المنخفضات الطينية والمسطحات المائية في بعض المناطق مصادر تقليدية لشرب الحيوان. تنتشر مصادر المياه الجوفية في أكثر من50% من مساحة السودان ويقدر مخزونها بنحو 15.200 مليار متر مكعب، يعادل هذا المخزون الجوفي أكثر من 200 ضعف العائد السنوي من النيل.
الموارد البشرية:
قدر سكان السودان بنحو24.9 مليون نسمة عام 1993م ونسبة نمو ســنوي بـ 2.6% كما قدر عام 1998م بحوالي 33مليون نسمة( إحصاء تقديري) ويعمل حوالي 80% من السكان في الزراعة بمختلف منا شطها. ومنذ فجر الاستقلال أهتم السودان بالتعليم الزراعي وتأهيل القيادات- العملية في هذا المجال بوصفه بلد زراعي في المقام الأول. وهنالك مراكز بحثية رفيعة المستوي تغطي معظم مجالات البحث العلمي في الزراعة، ولهذه المراكز مساهمات مقدرة في تطوير الزراعة في السودان تجد احتراما في دوائر البحث العلمي علي مستوي العالم.
فرص الاستثمار المتاحة
1/ الزراعة المروية:
يتمتع القطاع المروي بإنتاج عدد من المحصولات مثل القطن والفول السوداني وقصب السكر والتوابل والقمح والبقوليات بالإضافة إلى الخضر كالبامية والباذنجان والطماطم والفاكهة كالموز والمانجو والنخيل والليمون والقريب فروت وغيرها.
ونورد فيما يلي المجالات المتاحة للاستثمار في هذا المجال: أ/ الاستثمار المباشر في المجال المروي عن طريق قنوات الري من النيل وروافده ومشروعات زراعية مروية بالمياه الجوفية وذلك عن طريق حفر آبار جوفية وعمل طلمبات لمياه الري والري المحوري. ب/ الاستثمار في مجال خدمات الري خاصة شركات حفر الآبار الجوفية وصيانة الحفائر وموارد المياه السطحية. ج/ الاستثمار في مجال الميكنة الزراعية والبذور المحسنة ومكافحة الآفات الحشرية. د/ الاستثمار في مجال إدخال تربية الحيوان في الدورة الزراعية لمشروعات القطاع المروي الحديث. ويتميز هذا النوع من الاستثمار بالاقتصاد في التكاليف الرأسمالية والتشغيلية حيث توجد المقومات الأساسية للمشروعات ويمكن الاستفادة من مخلفات الزراعة كعلف للحيوان يستكمل بزراعة البقوليات والأعلاف الخضراء. هـ/ الاستثمار في المجالات المساعدة للزراعة المروية نذكر منها ما يلي:- 1- تصنيع مواسير تغليف الآبار وتوصيلات المياه خاصة اللدائن لدعم خدمات حفر الآبار الجوفية. 2- تصنيع مضخات منتجات الآبار الجوفية ومحركاتها من قطع الغيار اللازمة لصيانتها. 3- تصنيع المضخات اليدوية.
2/ الزراعة المطرية:-
ينتج القطاع الزراعي المطري محاصيل السمسم والذرة والفول السوداني وزهرة الشمس والقطن المطري والذرة الشامي والدخن والكركدي. يمكن زراعة أشجار الهشاب لإنتاج الصمغ العربي المحصول النقدي الهام. ولقد أثبت محصول القوار نجاحه كمحصول زراعي مطري حيث يستخدم كمادة صمغية وكعلف للدواجن نسبة لما يحتويه من نسبة عالية من البروتين
3/ الزراعة البستانية:
أن الموارد الطبيعية ذات التنوع في الأرض والمناخ وموارد المياه يتيح فرصاً كبيرة للإنتاج البستاني علي مدار العام خاصة في الشتاء. هذه الخاصية تجعل للسودان ميزة تفضيلية في إنتاج الخضر والفاكهة في غير موسم إنتاجها في أوربا. وهنالك طلب كبير في السوق الخارجي خاصة في العالم العربي وبعض الدول الأوربية وأهم المنتجات التي أثبتت وجودها في الأسواق من الفاكهة هي المانجو والليمون والقريب فروت بالإضافة إلى الخضر كالبصل والباذنجان والشطة والبامية والعجور وغيرها.
القطاع المطري. وتقليص مساحات القطن بالقطاع المروي لإفساح المجال لمحاصيل الحبوب الغذائية والتوسع في مساحات زراعته في القطاع المطري. وعليه فقد أعلنت الدولة العديد من السياسات التشجيعية للتوسع في زراعة القطن المطري. وتميزت تلك الفترة كذلك بالتركيز علي صغار المنتجين كنمط أساسي للتنمية الزراعية وتحقيق العدالة وتكثيف الجهود في تنويع المحاصيل الزراعية بإدخال محصولات جديدة مثل العلف وزهرة الشمس والذرة الشامي. واتجهت السياسات إلى منح أولوية قصوى لتوفير المدخلات الزراعية والالتزام الصارم بإدخال الحيوان في الدورة الزراعية. ولقد استحدثت ثورة الإنقاذ الوطني نظام محفظة البنوك التجارية الأمر الذي أدي إلى تحسين الأداء في هذا المجال والارتقاء بفعاليته. ولقد تم إنشاء صناديق لتمويل الإنتاج الزراعي وإنشاء مصارف متخصصة جديدة كبنك المزارع وبنك الثروة الحيوانية. قررت الدولة كذلك تحرير أسعار المنتجات الزراعية تحفيزاً للمنتج ودعماً للإنتاج.
4-الثروة الغابية والمراعي الطبيعية:
توجد بالسودان مساحات شاسعة مغطاة بالغابات والشجيرات والمراعي الطبيعية تقدر بنحو 1.050 مليون هكتار. وقد ساعدت هذه المراعي علي تربية ثروة حيوانية متنوعة قدرت بنحو 132 مليون رأس حسب إحصائية عام 2002م. ونورد فيما يلي أهم المجالات في هذا القطاع:- أ/ إنتاج الفحم النباتي. ب/ إنتاج الصمغ العربي. ج/ إنتاج المكعبات المضغوطة. د/ إنتاج الصناعات الريفية من منتجات الغابات كالحبال. هـ/ تجهيز فلنكات السكة حديد. و/ إنتاج المواد الدابغة. 5- النباتات الطبية والعطرية: يمتاز السودان بأنواع عديدة من النباتات الطبية والعطرية كالكركدي والحنة والسنمكة والحرجل والكمون واليانسون والحلبة وغيرها ولأغلب هذه المنتجات أسواق كثيرة.
ومن أهم موجهات إستراتيجية القطاع الزراعي:
الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة والحفاظ علي التوازن البيئي بتخصيص مساحات للمراعي وأخرى للغابات والزراعة بشقيها النباتي والحيواني وتوفير المياه بالإضافة إلى زيادة الإنتاجية من خلال إدخال التقنية المتطورة والملائمة لعناصر الإنتاج بجانب تحقيق طفرة في الإنتاج بدعم الاستقلال الحقيقي للوطن بتحقيق أمنه وزيادة حجم صادراته وتنويعها والارتقاء بجودتها والتركيز علي دعم صغار المنتجين كنمط أساسي للتنمية الزراعية وتحقيق العدالة.
السياسة والاستراتيجية:
في ظل السياسات الجديدة والتوجهات الأصلية التي تبناها النظام القائم في السودان فأن الفرصة أتت لإنقاذ الاقتصاد السوداني علي أساس التنمية والإنتاج. وجعلت التنمية المتوازنة والتنمية الريفية موضوع الإنقاذ الاقتصادي والمجال الذي توجه إليه الجهود والاستثمارات. ولقد وضعت الدولة سياسة زراعية تهدف لمضاعفة الإنتاج الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتحقيق فوائض كبيرة للتصدير. ومن ثمَّ فقد حددت السياسة أولويات وأسبقيات معينة للاستثمار وجهت إليها الدعم والتسهيلات والامتيازات الخاصة كمنح الأراضي الاستثمارية والإعفاءات الجمركية والإعفاء من ضريبة أرباح الأعمال.
|
ليست هناك تعليقات: