2013/08/14

‎الطاهر ساتى -( رحلة بلا عودة)


** خبر جميل بالوكالات، وبالمجهرأيضاً، (يهمنا جداً).. أكثر من مائة متطوع، من دول تمثل قارات العالم، وبرعاية شركة هولندية تعمل في مجال أبحاث العلوم والفضاء، قد يتوجهوا إلى كوكب المريخ في رحلة أسموها ( رحلة بلا عودة).. المسافة بين كوكبنا هذا وكوكب المريخ تقدر ب (228 مليون كيلو متر)، و قطع تلك المسافة يستغرق فترة مقدرها سبعة أشهر..تنطلق الرحلة - البلا عودة - في سبتمبر 2022، وتنتهي بالهبوط على كوكب المريخ في ابريل 2023..وقد يتم إخضاع المتطوع للتدريب بهولندا إعتباراً من العام القادم وطوال السنوات القادمة حتى موعد الرحلة..هكذا الخبر، وأهميته - لشعبنا - لاحقاً ..!!

** المهم ..ما يقارب المائة وخمسين ألف مواطن - بالخرطوم والجزيرة ونهر النيل والشمالية والنيل الأبيض وغيرها - يتوسدون الثرى ويلتحفون الثريا، بعد أن فقدوا منازلهم بما فيها من ممتلكات..والقادم خلال اليوم والغد، حسب تقارير هيئة الإرصاد الجوي، هو (الأسوأ)، أي تترقب الناس والبلد المزيد من المنكوبين.. وواقع الحال بالمناطق المنكوبة يعكس أن ما يقدمه المجتمع للمنكوبين -عبر شباب نفير و صدقات وغيرها - من غذاء وكساء وإيواء بمثابة إطعام شعب الصين ب (صحن فول)، أي لا يكفي .. وأخيراً، بعد أن بلغت أرواح المنكوبين حناجرهم، فتحت الحكومة أبواب الإغاثة بحياء ليستقبل مطار الخرطوم إغاثة الدوحة و غيرها، أي صارت دولتنا هي ( اليد السفلى) ..ليست من وطأة السيول والأمطار فحسب، ولكن من قلة الفيران في المسمى بالمخزون الإسترايجي ..باختصار، حال المواطن - منكوباً بالسيول كان أو منوكباً بالغلاء - لم يعد يسر حتى ..(العدو)..!!

** ومع ذلك، إقرأ ما يلي .. علي محمود، وزير المالية، للسوداني بالنص : ( لن تقدم الحكومة على قرار رفع الدعم عن السلع عبثاً، بل ستبت في أمره رئاسة الجمهورية، وإن رفع الدعم عن السلع قد يأتي خلال الفترة المقبلة كسياسة عامة وليس رغبة في زيادة الأسعار)، هكذا كوارث سيول وزير المالية المرتقبة، وهي لاتقل خطورة عن كوارث سيول هذا الخريف.. نعم، يفكر وزير المالية بالصوت العالي في رفع الدعم عن السلع - وهي الوقود والسكر - في ذات اللحظة التي يستقبل فيها مطار الخرطوم طائرات الإغاثة بعد أن بلغ الحال بالوطن والمواطن حد العجز عن إغاثة ( المنكوب).. نعم، سواسية ذاك الذي يتوسد ثرى المرابيع وهذا الراقد على فراشه في ( المعاناة )، والفضل في هذه المساواة يرجع لسياسة علي محمود، وليس لسيول الخريف.. ومع ذلك، تبشر تلك السياسة شعبنا المنكوب بالمزيد من ( المعاناة)..إن كان شعبنا يحتمل رفع الدعم عن السلع، فلماذا (يأكل الإغاثة)..؟؟

** ذاك شئ، والشئ الآخر ( شعبة مستوردي الأدوية).. لم - و لن - تسمع لتلك الشعبة بأنها تبرعت بقرص فلاجين لطفل بالمرابيع مصاب بالإسهال من جراء تولث المياه والمبيت في العراء، ولكنها تستغل إنشغال الناس والصحف بكوارث السيول لتمرير سياسة تحرير أسعار الأدوية ..نعم، لا تزال الشعبة تقاتل في سوق الأدوية - كما يقاتل وزير المالية في سوق الوقود والسكر – لزيادة أسعار الأدوية تحت غطاء ( تحرير السعر)..وعليه، بما أن كل السلطات - الحكومية و ملحقاتها- تجرف حياة شعبنا كما سيول الخريف، نناشد هولندا بادراج شعبنا في قائمة متطوعي ( رحلة بلا عودة).. فالموت على سطح المريخ أرحم من الحياة على سطح الأرض مع وزير المالية و (إخوانه)، أو كذا لسان حال الناس ..!!

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ الجديد 2015 ©